النصب و الإحتيال و استباحة أجساد النساء بإسم الدين ”
القضية24
عرفت الرقية الشرعية إنتشارا كبيرا في مختلف المدن المغربية ، إلا أنها أخدت أبعادا خطيرة و مرعبة في بلادنا ، فالبعض من ممارسيها جمع في نشاطه بين العنف الجسدي و الإستغلال الجنسي و المادي مشكلا بذلك خطرا حقيقيا على صحة من يلجأ إليهم منتهكا حرمة أجسادهن و سلبهن أموالهن عن طريق الخداع و النصب و الإحتيال بإسم الدين .
من منا لا يتذكر فضيحة راقي بركان التي هزت الرأي العام المغربي و العالمي و من ورائه رقاة آخرين ضبطوا متلبسين في قضايا جنسية و منهم من تسبب لنساء جئن من أجل العلاج لإعاقات دائمة أو الوفاة كما حدث بكل من مدينة الدار البيضاء و سلا و الناظور و تزنيت نتيجة الضرب المبرح و الخنق الذي يمارسه بعض الرقاة إعتقادا منهم أنهم يضربون الجن من أجل الخروج من الجسد ، لكنهم في حقيقة الأمر يعذبون جسدا حتى الموت ، ناهيك عن حالات إغتصاب و فض البكرة للعديد من الفتيات اللواتي قدمن على طبق من ذهب من طرف أهاليهم لبعض الرقاة الذين يدعون طرد الجن العاشق و فك السحر و علاج أمراض مستعصية كالسرطان و الشلل و غيرها مستغلين جهل العديد من المواطنين.
قمت شخصيا بالتحدث مع عدد ممن تعرضن للنصب و الإحتيال و الإيحاء الجنسي لتخبرني إحداهن و هي تنحدر من إحدى المدن الفوسفاطية أنها كانت تعاني إضطرابات و قلق دائم و صعوبة في النوم مما جعلها تعتقد أن بها مس أو مصابة بسحر ، تقول السيدة أنها ناقشت الأمر مع إحدى قريباتها فنصحتها بطرق باب “الرقاة الشرعيين” فقررت البحث عبر صفحتها فيسبوك عن “راق شرعي” لعلها تجد ضالتها عنده فتشفى مما تعانيه ، أخدت السيدة نفسا عميقا و استرسلت في الكلام قائلة يا ليتني لم أتصل بهذا “الشيطان اللعين” نعم هكذا وصفته لشدة ما تعرضت له من أدية و ظلم على يديه ، قامت بالإتصال به فأخبرها أنه يستقبل زبائنه بالمنزل الذي يقطنه و لا مانع لديه إن أرادت أن يزورها بمنزلها ففضلت الذهاب عنده تفاديا للمشاكل مع زوجها الذي يرفض رفضا قاطعا ذهابها عند الرقاة و التعامل معهم.
تقول السيدة أنها ذهبت إلى حيث الراقي بأحد الأحياء الشعبية ، إستقبلها رفقة أهله فتوجه بها لغرفة منعزلة ليبدأ معها سلسلة من الحصص العلاجية تمنحه خلال كل حصة مئتا درهم ، ليس هذا فقط بل كان يزودها بزيوت مختلفة في قنينات صغيرة مقابل مبلغ مئتا درهم للقنينة الواحدة بينما لا يتعدى سعرها الحقيقي 12 درهم فقط عند بائعي الزيوت.
و مع توالي الحصص أخبرها “الراقي” أن حالتها مستعصية تستدعي إستعمال بعض أنواع البخور الخاصة و بدأ يزودها بالبخور خلال حصص متفرقة مقابل مبالغ مالية مهمة تراوحت ما بين 1500 درهم و 2000 درهم لكل قسط من البخور و حسب قولها فقد أخد منها ما يناهز 15 ألف درهم وفرتها من بيع مجوهراتها الذهبية و أحيانا كانت تأخد من مال زوجها دون علمه ،تقول السيدة أن حالتها النفسية تفاقمت و تدهورت أكثر مما كانت عليه على عكس ما كانت تتوقع ، فيما بدت جرأة “الراقي” تزداد مع توالي الأيام، إلى أن قادته في إحدى الحصص إلى وضع يده على مناطقها الحساسة من جسمها ، فدفعته و صرخت في وجهه و خرجت في حالة هستيرية لا توصف …….
و للأمانة فقط إتصلت بي سيدة فضلت عدم الكشف عن هويتها لتخبرني أن أختها كانت ضحية لنفس الراقي الذي تحدثنا عنه ، قالت أن أختها كانت تعتقد أن بها جن عاشق سكن جسدها و عطل زواجها و دمر حياتها “حسب قولها”
هذه السيدة ناشطة بمواقع التواصل الإجتماعي خاصة الفيسبوك و كون هذا “الراقي” له حساب فيسبوكي يروج لمهنته كراق شرعي قادتها الصدفة للإتصال به فوقع لأختها ما وقع لسابقتها أو ربما أكثر .
لكن الأخطر في كل هذا هو إلتزام مثل هؤلاء الضحايا الصمت و عدم إتخاد أي إجراء قانوني في حق مثل هؤلاء المعتدين مما يطيل أمد إشتغالهم على الإحتيال و الخداع و الإستغلال الجنسي و المادي و العنف الجسدي و و و القائمة طويلة ، و الله لو ذكرت لكم تفاصيل ما يقوم به بعض الرقاة المزيفون لإقشعرت لكم ابدانكم و لأصبتم بالإشمئزاز …
إخواني أخواتي ، غالبية من يشعر بأن به مس أو عارض أو شيء من هذا القبيل يجب أو يقوم بزيارة طبيب نفسي مختص من أجل التشخيص و العلاج و لا تعتبروا تلك الإضطرابات أو الأمراض النفسية جزء من أعمال السحر أو المس و الجن العاشق ، و مرض الصرع هو الأكثر إنتشارا بين الناس فهذا المرض يتم تشخيصه عند الأطباء النفسيين و يتم تحديد نوعه بشكل دقيق و تتم معالجته بأدوية معينة ، هذا المرض هو الذي يعتمد عليه بعض الرقاة لإقناع المصابين به أنهم يعانون من المس و الجن العاشق لأن أعراضه توحي بذلك فينخرط المريض في حصص لا حصر لها حتى يستنزف ماله دون أي نتيجة تذكر .
نحن لا نحارب الرقية الشرعية و لا الرقاة الشرعيين لكن نحارب من خدعوا الناس بإطالة اللحي و جعلو من الرقية الشرعية وسيلة للنصب و الإحتيال و عبثوا بأعراض الناس لإشباع رغباتهم الجنسية الشاذة و يوهمونهم بأنهم قادرين على التحكم بالجن و تسخيره بل و الأخطر في الموضوع هو عندما يتجرأ بعض الرقاة المزيفين” ليس الكل بل أقول البعض” ليخبرونا أن مهمتهم تبدأ عندما يعجز الطب عن إيجاد العلاج و كأنهم متفوقون على الطب الحديث و بإمكانهم تقديم العلاج الشافي الذي عجز الطب و العلم المتطور عن إيجاده …هههه يا سلام يا لروعة و الله هزلت مع هؤلاء.
فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد اشتكيت، فقال: نعم، قال: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك بسم الله أرقيك>، وتلك هي الرقية الصحيحة والتي رقي بها النبي صلوات الله عليه بعد أن اشتكي والتي يجب أن نرقي بها أنفسنا و أبنائنا و بناتنا و نتحصن بها…
تحرير : توفيق التمسماني