القضية 24
من الداخلة : السيد رٸيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية۔۔۔۔۔ العلاقة بين القضاء والإستثمار وثيقة ومتينة الجذور
بعد كلمة ترحيبية بالضيوف ، أشاد بكل المجهودات التي منحنت الفُرصَةً لاستثمار القيم المشتركة لبناء حاضر مشرق، واستشراف آفاق مستقبل واعد للتنمية الإقتصادية والإجتماعية. يربط العالم العربي وأروبا بالعمق الإفريقي.
حيث قالـ، ” بإسم المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وكافة قضاة المملكة، أسعد بِالترحيب بكم حضرات السيدات والسادة في هذه الندوة، وأرجو لكم مقاماً طيباً بمدينة الداخلة، وأرجو أن تكلل أشغال الندوة بالتوفيق والنجاح. وهو أمر متاح إن شاء الله لمساهمة خبراء وأكاديميين ومهنيين وفاعلين إقتصاديين من العيار الثقيل فيها ، موجها خالص شكره لكل الشركاءَ في تنظيم هذه الندوة، في مقدمتهم السفير محمدي أحمد ألني الأمين العام لمجلس الوحدة الإقتصادية العربية، والدكتور جمال جبريل الأمين العام للمحكمة العربية للتحكيم، والأستاذ بنعيسى مكاوي الأمين العام لاتحاد المحامين العرب، والدكتور عبد اللطيف كومات عميد كلية الحقوق عين الشق بالدار البيضاء ، معبرا عن امتنانه وتقديره للسيد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، والسيد وزير التجارة والصناعة رياض مزور اللذين شرفا بحضورهما هذه الندوة وعبرا -كما هو دأبهما- عن إنخراط مسؤول في جميع قضايا التنمية والإصلاح والتطوير.
كما أتقدم بالشكر الجزيل والإمتنان الكبير للسيد والي جهة الداخلة الفاضل المحترم لمين بنعمر، ولسلطاتها ومجالسها المنتخبة، من أجل ما قدموه من دعم لعقد هذا اللقاء، وما أبدوه من حفاوة وترحيب بالضيوف والمشاركين، وكذلك لأجل تشريفهم لنا بالحضور.
كما كشف أيضا ، عن دور العلاقة بين القضاء والإستثمار باعتبارهما وثيقة ومثينة الجذور، فوظيفة القضاء الأساسية تتجلى في حماية الحقوق والحريات وصون الممتلكات، ولذلك فإن نجاعة القضاء ونزاهته تؤثر بشكل مباشر في زيادة النمو الاقتصادي وتؤسس لفضاء آمن للاستثمار، يُضْمَنُ به الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والحقوقي، ويُنتج آفاقاً كبيرة للتنمية. وهي رؤية أكد عليها جلالة الملك محمد السادس نصره الله في العديد من المناسبات، من بينها ما تضمنته الرسالة السامية إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الثاني للعدالة يوم 21 أكتوبر 2019 بمراكش والتي جاء فيها: (إن خلق فضاء آمن للإستثمار بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والإدارية والهيكلية، يفرض علينا جميعا اليوم، بذل المزيد من الجهود في إتجاه ترسيخ دولة القانون، وتعزيز إستقلال السلطة القضائية، ودعم التنبؤ القانوني، وتأهيل الفاعلين في المجال القضائي، وتطوير الإدارة القضائية، وتعزيز حكامتها، من خلال مقاربة شمولية مندمجة، تتعامل مع قضايا الاستثمار في مختلف جوانبها، المرتبطة بالقوانين التجارية والبنكية، والضريبية والجمركية، والعقارية والتوثيقية والإجتماعية، وتستحضر الأبعاد الدولية والتكنولوجية التي تفرضها عولمة التبادل التجاري والمالي والإقتصادي عبر القارات) إنتهى النطق الملكي السامي.
كما وجه الخطاب الی كل متتبعي سيرٌ العمل القضائي بالمغرب والذين سيرصدون بكل وضوح، الحمولة الحقوقية التي بلورها الاجتهاد القضائي من خلال قرارات مبدئية. وفرت مناخاً آمناً للتنمية والاستثمار، واستهدفت تحقيق التوازن بين حقوق جميع مكونات الشركات والمقاولات، ومد الحماية اللازمة لمستهلكي المنتجات والخدمات، خاصة في مجال المعاملات البنكية والتأمينية، وتكريس عدالة اقتصادية وضريبية.
كما ابرز دور القضاء المغربي في مواكبة التحولات الإجتماعية والاقتصادية والحقوقية والتكنولوجية الدولية، وأثرها على الاستثمار وعلى سوق الشغل، من خلال إقرار سمو الاتفاقيات الدولية وتفعيل مضامينها. وكذا التفاعل الإيجابي مع وسائل الإثبات الالكترونية، بإعطائها القوة والحجية الثبوتية في المنازعات، وحماية المتضررين من الأخطاء الناتجة عن المعاملات البنكية الدولية. واعتماد مقاربة حمائية فعالة في القضايا المتعلقة ببراءة الإختراع وحقوق المؤلف ، مستهدفا تحقيق مقاربة اقتصادية ذات أبعاد إجتماعية، تضمن الاستقرار داخل المؤسسات الشغلية. وذلك بإقرار التوازن الموضوعي بين حقوق وواجبات كل من الأجراء وأرباب العمل، دون أي تعسف أو حيف. وحَظْرِ كل أشكال التمييز بين العمال المحليين والأجانب ، إلى جانب تخليق المعاملات الاستثمارية مُعْطًى حاضراً في العمل القضائي، عن طريق وضع ضوابط للمنافسة التجارية الشريفة، والتصدي للتصرفات غير السليمة التي تؤدي بالمقاولات للتصفية والإفلاس۔
في سياق متصل ، أوضح كيف إكتسب القضاء المغربي تجربته الهامة من الدعاوى المرتبطة بمساطر التحكيم الوطني أو الدولي ،وهي تجربة أصبحت علاقتها راسخة بالتوجهات القضائية الدولية الحديثة، بفضل القوانين الوطنية المستحدثة، وكذلك استلهاماً من المقتضى الدستوري الذي يمنح الأولوية في التطبيق للاتفاقيات الدولية على التشريع الداخلي.
أخيرا ، قال في مضمون كلمته عن العلاقة الوطيدة بين الإستثمار والتنمية ، فهي كالعلاقة المتواجدة بين الدم بالشريان … وأن موقع القضاء منهما بمثابة دور القلب الذي يضبط الضّغط ويحافظ على التوازن الصحي. ولذلك، فإن موضوع هذه الندوة يلامس موضوعاً ذي راهنية زَمانية ومكانية. فالزمان واعد بإكراهات التنمية الإقتصادية والإجتماعية ومتلهف لتسريع وثيرتها واستقطاب رؤوس الأموال والكفاءات والخبرات الداعمة لها. ولا سيما جراء الإنتكاسة الإقتصادية المترتبة عن وباء كوفيد 19. كما أن المكان الذي تعقد فيه هذه الندوة هو مجال للاستثمار في مختلف مجالات التنمية بامتياز، يوفر للمنعشين والمستثمرين قبلة حقيقية للأبد