ريان يجمعنا …

0

القضية 24 : الكاتب الفلسطيني الدكتور (يوسف سعيد البردويل)

من طنجة الي القويرة ومن مسقط حتى نواكشوط ومن حلب الي مقديشو إنطلق إسمه ليصبح بريقا عابرا للقارات تتناقله كل الاذاعات والمحطات وذرفت عليه كل الدمعات وبكته كل الامهات وصار رسول البراءة في كل الديانات إنه الطفل المغربي العالمي (ريان) ذلك الظاهرة الكونية الأولى والفريدة من نوعها والتي إستطاعت أن توحد مشاعر ملايين بل مليارات البشر فعلا تاثر لوقوعه الحجر والشجر وليست فقط البشر ريان إستطاع أن يوحد المغاربة بطل أطيافهم ومستوياتهم لا بل رحمه الله إستطاع أن يوحد ويجمع أشلاء الوطن العربي الممزق فالمتابع للحدث يجد أن العالم أجمع لاسيما العربي كان يترقب ويتابع لحظة بلحظة وتطورات الموقف بمشاعر واحدة موحدة وباراء ومواقف واحدة داعمة للجهد المبذول ومثنية عليه فحينما كنا نسمع بشاشات التلفاز أن فرق الإنقاذ قد إقتربت من مرحلة إخراجه كنا في القدس نفرح ونبتسم في القاهرة نبتسم من بيروت نبتسم من عمان من الخرطوم نبتسم وحينما كان يطول الوقت وتزداد الأمور صعوبة وتعقيدا وينخفض تيرموميتر الأمل كنا من المنامة نحزن ومن طرابلس نحزن ومن عمان نحزن ومسقط والدوحة نحزن وحينما أعلن عن نبأ وفاته بكته مساجدنا وكنائسهم ومعابدهم حالة الإجماع الدولي هذه لم يعهدها التاريخ أما حالة الإجماع العربي فإنها جاءت لتؤكد على أن (ريان) وعلى مدار خمسة أيام كان إبنا لأم ع مغربية فلسطينية مصرية سورية ولأب مغربي لبناني تونسي قطري سوداني بل هو أخ لمغربي مورتاني جزائري ليبي كويتي تونسي .
لقد جاء حدث سقوط (ريان) في البئر ليعيدنا بالذاكرة إلي أمجاد التاريخ المغربي حيث ملحمة الوحدة المتجسدة في ثورة الملك والشعب تجددت اليوم وعلي مدار خمس أيام حيث تظافرت الجهود المغربية بكل أطيافها الدينية والعرقية والسياسية تحت راية الملك الذي لم يتواني ولو للحظة في وضع المؤسسة الملكية بكل أذرعها تحت تصرف الحدث وجنبا إلي جنب مع كل الجهود الشعبية والرسمية المغربية.
وأخيرا // لا يخفى على أحد حالة التشرذم والتمزق العربي الرسمي والشعبي الذي يحياها وطننا ومواطننا العربي الذي يعاني من الإنقسامات والإختلافات فلم تعد لنا وحدة موقف أو فعل أو حتى مشاعر تجاه أي قضية تهمنا جميعا فلا نحن مع التطبيع ولا ضده ومنا من هو مع الربيع العربي وكنا من هو ضده منا من يحبذ الهجرة ومنا من يعارضها لم تعد لنا وحدة حتي في مشاعرنا تجاه أعداؤنا لقد بقينا سنوات طويلة ممزقين إلي أن أنعم الله علينا بأن جعل قلوبنا جميعا علي جسد طفل واحد إنه (ريان) ذلك (النسيم العليل ذو الوجه القمري الجميل الذي سلب الفؤاد ورحل ولم يترك لنا بديل ) إستطاع أن يجمعنا جميعا بنبضة فرح ودمعة حزن واحدة لا نفاق فيها ولا مجاملة ولا رياء طفلا جمعنا فأحببناه جميعا وبكيناه جميعا وفي قلوبنا وذاكرتنا دفناه جميعا …

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.